مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 29-10-2001, 06:08 PM
بوفاتح بوفاتح غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 46
Post الفسيفساء

الفسيفساء
تأملت الكتب الجديدة الموضوعة فوق المكتب ، إنها لا تختلف عن تلك التي في الرفوف ، أشباح وأرواح ، الإقتراب من الموت ، كيف تتحدث الى موتاك ،ما بعد الحياة .
بالرغم من ولعي الكبير بهذا النوع من الكتب، إلا أن صديقي مدمن علي مطالعة كل ما له علاقة بالموت ، من فرط إهتمامه بالأرواح أضحى مرتبطا بالعالم الآخر أكثر مما هو مرتبط بالواقع
وفي الحقيقة لم نعد نكترث بهذه الحياة همنا الوحيد هو إكتشاف خبايا الموت ، لكن ياترى لماذا طلب مني سليم الحضور اليوم .
وفجأة فتح الباب بطريقة صامتة ، يخيل للمرء بأن الدخان يزحف ويصعد الى أعلى وظهر رجل نحيف ذو وجه جامد وعينان غائرتان ، كأنهما لا تنظران .
- أهلا صالح ، أراك حضرت في الوقت المناسب
- ومن يستطيع مخالفة مواعيد الموت
- على كل حال لن أطيل معك ، لقد آن الأوان لإحداث قفزة نوعية في تجاربنا الروحانية
كفانا حديثا مع الأرواح وتحقيقات ميدانية حول الموت ،إسمع يا صالح سأموت هذا الأسبوع وكل ما عليك فعله هو أن تعد لي شهادة وفاة وأن تطلب نقلي من المستشفى الذي تعمل فيه مباشرة الى المقبرة وتعود لخرجني بعد دقائق من الدفن .
- معنى هذا أنك ستقدم لنا تقريرا مفصلا عن شعور شخص مات وعاد
- أريد أن أعرف عن قرب كل طقوس الموت وهل أن موت إنسان مشكلته أم مشكلة الآخرين .
لقد مات سليم هذا هو الخبر المهم الذي أخد يتجول ذالك الصباح في شوارع وأحياء المدينة و يجر خلفه خبرا ملحقا ، مفاده أن الجنازة بعد صلاة العصر وإنطلاق الموكب سيكون من المستشفى .
- إنه ميت منذ زمان وما حدث له اليوم هو موت مادي فقط .
هذا ماقاله صاحب المكتبة العتيقة في حين فضل جاره الإحتفاظ برأيه لأنه بكل بساطة يخاف الموت .
إنطلق الموكب الجنائزي في أجواء من الخشوع والحزن ، وعلت الوجوه علامات الرهبة والوجل وهم يرددون ما يليق بالمقام ، في حين كانت تبدو على ملامح صالح مسحة من الخشوع ممزوجة بإبتسامة شيطانية وهو يفكر في صديقه الذي يرقد فوق النعش ، في الوقت الذي يعم الإرهاق الموكب ، صاحبنا محمول على الأكتاف ، يبدو أنه ميت محظوظ .
في هذه الأثناء كان سليم مسجى بقطعة قماش ناصعة البياض ، يفكر في مصيره المخطط له سلفا ، أحس بألم في ظهره بسبب الصعود والنزول ، زيادة على تهافت الناس على حمل النعش بطريقة فوضوية ، لقد تناسى بأنه ميت حي ، من حين لآخر يطرد هواجس الخوف ، مقنعا نفسه بأنه يقوم بتجربة علمية ، الفرق بينه وبين علماء الغرب هو أنهن يستعملون معدات إلكترونية في حين انه يستعمل الحيلة .
ماذا لوينهض من نعشه ، أكيد سيجد نفسه على قارعة الطريق ، سيجرون نحو كل حدب وصوب ، إنهم يعترفون بالموت لكنهم لا يستطيعون مواجهة الميت ، بعد دقائق وصل الجميع الى المقبرة حيث نهاية كل حي ، وإستعد وا للصلاة على الفقيد ، كان صالح في الصف الأول ، لم يكن يتصور يوما بأنه سيحرر شهادة وفاة صديقه ويحضر جنازته .
بدأ شعور غريب ينتاب سليم الذي أضحى قاب قوسين او أدنى من الدفن ، حيث سيجاور الموت الحقيقي وسيضع كل شجاعته وإرادته في كشف المجهول على المحك .
ما هي إلا لحظات حتى وجد سليم نفسه محمولا بالأيدي الى مثواه الأخير ، وكاد أن يصرخ عند إرتطام رأسه بمقدمة القبر ، لكنه فضل تمثيل الموت ، لقد صال وجال
في الأرض ولم يحصل منها في الأخير سوى على مساحة صغيرة ، سرعان ما أحس بذرات التراب تسقط عليه وأخد يحس بضيق المكان وصعوبة التنفس ، الضرر كان مادي أكثر منه معنوي ، إستمع الى وقع الأقدام وهي تتلاشى شيئا فشيئا ن ثم غمره شعور غريب نابع من العدم مرادف للخواء والضياع في السراب ، إن لم يكن ميتا فالموت يحوم في المكان والموتى المجاورون لن يرضوا بعودته من جديد الى الحياة .
في نفس الوقت كان صالح محاصرا بهواجس الخوف والرهبة ، لقد جثم على ظهره شبح الموت محملا أياه كل خطايا البشرية وآخرها دفن صديقه حيا ، وفجاة داهمه دوارا خطيرا ووجد نفسه يسقط كالحبل أرضا ، سارع بعضهم الى إسعافه .
- مسكين لم يهضم حقيقة وفاة صديقه ، لقد كانا رمز الوفاء والأخوة ، قال أحدهم
حمل صالح على جناح السرعة الى المستشفى وهو يصيح بكل ما تبقى فيه من قوة
- سليم حي ، سليم حي ، أرجعوني الى المقبرة
وكان مرافقيه يواسونه ، إعتقادا بأنه متأثر بوفاة صديقه ، ومن يصمد أمام الموت ،
بعد دقائق معدودة أحس سليم بإختناق عظيم ، متسائلا في أعماقه عن سبب عدم مجئ صالح في الموعد المتفق عليه ، أتراه كان يخطط لقتلي ، من الإقتراب الى الموت الى الموت مباشرة ، هذا هو مصيري المشؤوم .
بعد ثواني أحس سليم بأحدهم ينزع عنه أكوام التراب ، وسرعان ما ترافق ذالك مع نباح شديد ، لم يكن المنقذ سوى كلبا مشردا ، خرج سليم من قبره عاريا ينبح فكأنما أضحت روحه أسيرة طباع حيوانية .
في اليوم الموالي لم يظهر أي خبر عن إكتشاف علمي جديد ، بل كل مل في الأمر هو إضافة سليم وصالح الى قائمة مجانين المدينة .
__________________
ليست العظمة في أن لا تسقط ، ولكن العظمة في أن تسقط وتنهض من جديد.
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م