صحبة الدب
صحبة الدب
يحكى أن رجلا كان يقتني دبا ، يسترزق من خلال صحبته ، ويطعمه ويقيم عنده ، وكان الدب وفيا للرجل ، لدرجة مذهلة . وفي أحد الأيام الحارة استظل الرجل تحت شجرة أثناء سيره مع الدب ، فحطت ذبابة على وجه صاحبه ، فخشي أن توقظه بإزعاجها ، فحمل قلعة وضرب بها الذبابة فقضى على صاحبه بالموت ..
أتأمل أحيانا تلك الحكاية ، و ألتفت يمينا وشمالا ، فأرى أن هذا النموذج من الوفاء ، قد تغلغل في نفوس أبناء عروبتنا ، لدرجة صرت أعتقد أن منشأنا من سيبيريا .. حيث لا دببة عندنا ، فكيف لتلك الحكاية أن تؤثر بسلوكنا كل هذا التأثير ؟
تصوروا أن أحدا أطلق على ولده ثمانية رصاصات بحجة أنه لا يتغطى في نومه جيدا ، ويخشى عليه من البرد !
وان كان الدب قد رأى الذبابة بأم عينيه ، فان المتأثرين بسلوكه قد تخطوا وفاءه بدرجات ، فهو رأى وتصرف ، وهذا يجعله معذورا ، لكن نماذجنا تستشعر عن بعد فقبل أن تحط الذبابة ، يرشون مواقعها بمبيدات تقتل الحياة على عمق أمتار !
فسن القوانين المقيدة للحريات ، وملاحقة من يهمس ، و تضييق الخناق عليه وعلى أولاده ، حيث يحرمون من بعثات دراسية أو يصار الى تعيينهم بأماكن بعيدة ، من باب رفع العتب .. كل ذلك حتى لا يظهر أثرهم ولو بعد حين .. هل رأيتم كيف أننا نتفوق حتى على الأساطير بالمبالغة بالحرص ؟ وصحبتنا مع حكامنا فاقت صحبة الدب ؟ إنهم يحرصون علينا من خطر أنفسنا .. نعم !
__________________
ابن حوران
|