صدام يسرق المقاومة !
خرج علينا صدام حسين بتسجيل صوتي مرتديا ثوب الإيمان ، ناسبا المقاومة العراقية إلى نفسه !
و لا ريب أن هذا التسجيل لم يكن مفاجأة للعراقيين الذين تكثر بينهم القصص و الحكايات عن صدام وقدراته التي تشبه قدرات الجن والشياطين ، فتارة يظهر في سمراء راكبا سيارة أجرة ، وتارة يخرج من أحد المساجد في تكريت و تارة يشاهده الناس يمشي في الشارع ملوحا !
و جاء هذا التسجيل ليقطع شك العراقيين في قدرات صدام الخارقة إلى يقين ، بعد أن توعد من يتعاون مع الاحتلال وو عد بسحق المحتلين ، مع التأكيد على أنه قريب من العراقيين ، وأصبح صوته كفيلا ببث الرعب في القلوب .
و هذا ما جعل صدام حسين يبدو و كأنه قد غدا كابوسا يطارد بوش و عصابته في أحلام اليقظة ..
فقد أعلنت عصابة الإجرام في البيت الأبيض عن مكافأة قدرها 25 مليون دولارا لمن يدلي بمعلومات تساهم في القبض على صدام أو تثبت مصرعه ، و جاء التسجيل الصوتي لصدام ليدعم النظرية القائلة بأن أعمال المقاومة الجارية الآن في العراق ترجع إلى فلول النظام الصدامي المخلوع و حزب البعث !! و لذلك كان الحل وفق الرؤية الأمريكية المعلنة هو الخلاص من رأس هذا النظام ، عملا بقاعدة ( اضرب الرأس يسكن الجسد ).
الواقع أن الأمريكان يجرون وراء أوهام صنعها خيالهم المريض و نظرتهم القاصرة ليخدعوا بها الشعب الأمريكي الذي بدأ يشعر أن حكومة جرته إلى مستنقع عراقي يشبه مستنقع فيتنام ، فالثابت و المعلوم جيدا أن أغلب أعمال المقاومة ( إن لم يكن كلها ) لا علاقة لها بصدام ، و قد اعترف الأمريكان بوجود حالات كثيرة للتسلل عبر الحدود هدفها الانضمام للمقاومة ، فهل يدخل هؤلاء العراق من أجل صدام أو العمل تحت لوائه ؟
إن أكثر ما يقلق البيت الأبيض هو مواجهة الشعب الأمريكي بحقيقة حرب العصابات الجارية الآن ، لأن هذا الاعتراف معناه التسليم باستمرار نزيف الخسائر إلى أجل غير مسمى لذا يحرص الأمريكان على التعتيم على خسائرهم ، و إيهام الشعب الأمريكي أن ما يجري الآن من مقاومة شعبية هو مجرد توابع للحرب يقوم بها بعض أنصار صدام الذين لا يحظون بتأييد شعبي و سرعان ما ستنتهي
حلفاء الولايات المتحدة رفضوا إرسال قوات للمشاركة في حفظ الأمن في العراق خوفا على أرواح جنودهم بعد اتساع نطاق حرب العصابات. و أمريكا لا تريد أن تتحمل هذه المسئولية وحدها ، فلجأت إلى الدول التي لا تعطي لأرواح جنودها قيمة مثل باكستان بعد تقديم رشوة لها ، و كان بوش قد أعلن منذ أسبوعين تقديم منحة قدرها ثلاثة مليارات دولار لباكستان لجهودها في مكافحة الإرهاب ، و الآن أصبح واضحا أن هذه المنحة ما هي إلا رشوة لبرويز غير المشرف لإرسال قواته إلى حتفهم ، بعد أن وافق على إرسال فرقتين من الجيش الباكستاني إلى العراق !
و أخيرا يأتي صدام ليلعب لعبة ساذجة عندما ينسب المقاومة إلى نفسه ، و كذبه مفضوح ، فلا يمكن لشخص هارب ومطلوب مثله أن يمثل قيادة مركزية لمقاومة تنتشر في كل أنحاء العراق ، فالاتصال و القيادة في هذه الحالة صعب للغاية إن لم يكن مستحيلا . و المقاومة لا يمكن أن تكون إلا خلايا منفصلة .
و لكن يبدو أن لعبة صدام قد انطلت على الأمريكان بدليل إعلانهم عن مكافأة لمن يرشد عنه ، كأنهم اختزلوا المقاومة في شخص صدام ، وإن كنت أرجح أن هذه وسيلة لخداع الشعب الأمريكي !و خداع حلفائهم لحثهم على إرسال قوات لحفظ السلام في العراق ليتقاسموا مع الأمريكان خسائر الأرواح !
و الخلاصة أن صدام يحاول سرقة أعمال المقاومة ، وهذه السرقة تضر أكثر مما تنفع لأنها ستفقد أغلب العراقيين التعاطف مع المقاومة . وستتيح للأمريكان إخفاء حقيقة حرب العصابات الجارية بحصرها في فلول حزب البعث .