العودة إلى الأرض (6) .!!
.
.
.
عندما أيقن نسناس أنه وجد الطريقة الوحيدة – القادر عليها – لإعادة الإنسان من جديد ، وحين تيقن له مقدرته على إجراء هذه التجربة ، ذهب مسرعاً إلى الطاولة المستديرة التي يقعد عليها زعماء القردة وطلب منهم الاجتماع جميعاً ونادى بصوته في كل القردة التي هرعت إليه من كل حدب وصوب والجميع يتساءلون : ماذا حصل ؟ من هذا الذي يصرخ هكذا وينادينا ؟ وماذا يريد منا ؟ ولكن لم يجدوا إجابات شافية إلا حين وصلوا إلى مجلس أمنهم الذي بات قرار مصير الإنسانية بيده فيا لسخرية القدر ويا لغرابة الأحداث من بعد أن كان يسود العالم الأمن والأمان ويحدد مصيره الإنسان أصبح مجلس الأمن لكوكب القردة يقود بني الإسلام ؟ فإلى أين سيذهب بنا هذا المجلس ؟.
تحلق الجميع حول نسناس ووجوههم وأصواتهم تستفسر منه عن سبب هذا الاجتماع وهذه الصيحة المفزعة ؟ ، فقال لهم : أيها القردة الأعزاء نحن على هذه الأرض منذ عدة سنوات وقد بنينا عليها الحضارة الوحيدة في هذا الزمان ولكن نحن لا ننسى فضل معلمنا الإنسان ولا ننسى أن حضارته كانت تتميز بالأمن الروحي قبل أي شيء آخر وربما أنتم لا تعرفون هذه الحياة ولكن أنا وآبائكم عرفناها جيداً وعشنا فيها أفضل سنين العمر ورأينا فيها ما لم تعرفوه أنتم ، لذلك لقد قررت هذا القرار وعليكم الاستماع له جيداً .
لقد قررت أن أسعى لإعادة الإنسان إلى الحياة وبناء حضارته من جديد لنكون بهذا أعدنا الفضل لأصحابه ، وأيضاً تمكنا من إعادة معلمنا الذي يعرف في هذه الحياة ما لا نعرفه فربما هناك أشياء جميلة نحن لا نعرفها ؟ وربما هناك أخطار عديدة محيطة بنا أيضاً لا نعرفها ، فما قولكم ؟.
بهتت جميع القردة بهذا القرار وهذا الخبر ، ولعلم العديد منهم بصعوبة هذا الأمر ردوا عليه مباشرة وقالوا له : ولكن كيف ستفعل هذا وأنت تعلم أنه مستحيل إعادة من يفنى ولا يملك هذا الأمر إلا الله عز وجل .
فرد عليهم نسناس وقال لهم : اليوم خطرت لي فكرة لم تخطر على بالي من قبل واليوم وجدت الطريقة التي سوف أعيد بها الإنسان من جديد ، ولكن قبل ذلك أخبروني ما رأيكم ؟.
علت الأصوات من جديد ولكن هذه المرة بلهجة الخوف والرعب فمعظم القردة لا تعرف الإنسان ولا تعرف حياة الإسلام الصحيحة التي كان ينتهجها الإنسان المسلم ، كما أن بعض الأصوات كانت تخشى على زوال حضارتها عند بناء حضارة الإنسان .
لذلك لم يجد نسناس موافقة على هذا القرار إلا من مجموعته التي كانت معه منذ البداية أما باقي القردة فكانت ما بين مترددة وما بين خائفة وخاصة القرد الكبير ( غوريلا ) وهو أحد أحفاد ( ربح ) الذي كنا قد ذكرناه في قصة المركبة الفضائية الغارقة تحت الماء ، ذاك القرد الذي رفض الخروج من الماء .
المهم أن غوريلا أصبح له صيت ومكانة قوية بين شباب القردة وأصبح له وزنه لديهم لذلك اتجهت إليه بعض أنظارهم وحين رأى هو هذا الشيء قفز على غصن شجرة قريبة منه في حركة واضحة وملفتة للأنظار لكي يضع أول خطوة في بناء زعامته ، وقال للجميع : يجب أن لا يتم هذا المشروع ويجب رفضه من الجميع فكما أخبرني أبي كان الإعلام ( العربي ) قبل الإعلام الغربي يخبرهم أن هذا الإنسان المسلم إرهابي ويسعى إلى التدمير ، وهذا أمر نخشاه نحن معاشر القردة المسالمون الذين ليس لنا قدرة على فعل شيء ، لذلك فإني أطالب أن نبقى كما نحن في حياتنا هذه هانئين وقانعين وأن لا نجلب لأنفسنا مشكلة كبيرة لا نقدر عليها.
وهنا وقف معه مجموعة من شباب القردة مؤيدين له ولفكرته ولتحذيره مما أصاب نسناس بخيبة أمل كبيرة وشعر بصعوبة الأمر وأن هناك مشكلة كبيرة تعوق هذا المشروع ، لذلك فكر في الابتعاد عن الجميع والانزواء بنفسه بعيداً عن كوكب القردة .
ولكن غوريلا كان له بالمرصاد فهو دائماً كان يحلم بأن يمسك مكانه ويحتل كرسي الزعامة لذلك قام ونادى في جميع القردة بأنه من الضروري القبض على نسناس وحبسه لكي لا يقوم بإعادة الإنسان من جديد سراً دون أن نعرف أو دون أن نشعر وحينئذ سيضعنا في الأمر الواقع وسيصبح من الصعب الحفاظ على حياة القردة وحضارتها .
وهنا بدأت رحلة جديدة للبحث عن نسناس والقبض عليه ووضعه تحت الأسر .
.
.
.
|