بدأت النشر في الخيمة وفي ذهني أن أقصر مساهماتي على نوع محدد من المقالات يخص التحليل الثقافي مبتعداً عن المقالات السياسية أو الفقهية وأردت أن أختار بالذات تلك المقالات التحليلية التي لا تنحو منحى خطابياً أو عاطفياً..وحيث أن العواطف لا بد من ظهورها على ما يبدو فالكاتب العربي بطبيعة وضع مجتمعه لا يستطيع أن يكون إزاء موضوعاته بارداً برودة الجليد فإنني قررت مع هذا أن يكون طابع مقالاتي من النوع المرتكز على المنطق أكثر من ارتكازه على العواطف وبحيث يكون نصيب الأخيرة مرجوحاً بشدة..
وأنا أقلب في صفحات مجلة كويتية وقع نظري على مقال تحليلي أحببت أن أسوقه لكم..
الكاتب كان من أصدقاء الطفولة..لحاه الله كم تخانقنا وكم تشاركنا في زيارات غير مرغوب بها لبساتين المشمش في الغوطة معتقدين بصبيانيتنا أن ثمار "القرعون" الخضراء- وهي أول ما يبدو من المشمش - مباحة لقرعون البشر أي لنا..وكانت هذه الفتوى لا تعجب أصحاب البساتين سهل الله أمورهم..كم أحن لمشاهدتهم وأظنهم بادوا مع انتهاء غوطة دمشق إلى وضع غابة الإسمنت فقد قطعت الأشجار وصارت ذكرى في قصائد الشعراء:
بردى هل الخلد الذي وعدوا به..إلاك بين شوادن وشواد!
قالوا: تحب الشام؟ قلت جوانحي..مقصوصة فيها وقلت فؤادي
تركت و صاحبي دمشق في الثمانينات وقد نظم في وداعها قصيدة أولها:
هذي دمشق هنا الأحباب والدار..من حار في عشقه إني لمختار
هذي دمشق بيوت الطين أعبدها..أتيه من فرح أني لها جار..
وهي طويلة..
ولم نلتق من بعد إلا نادراً وكانت عادتنا التي لا تفارقنا وشنشنتنا التي لا نحيد عنها أننا كلما التقينا اختلفنا فتناطحنا كالكباش وتناتفنا كالديكة بكل نخوة مضرية شأن العرب مع بعضهم عموماً!
عثرت لصاحبي على هذا المقال في تلك المجلة الكويتية وقد تغيرت الأحوال فنذرت له بتنتيفة شعر جديدة – إن كان ظل على صلعته شعر – إن رأيته لم يزل متمسكاً بروح هذا المقال..
ونقدي للمقال يأتيكم لاحقاً إن شاء الله إن ضمنت أنه فتحه عشرة على الأقل..
والمقال هو هذا..
http://www.almujtamaa-mag.com/Detail...wsItemID=50422