مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 23-03-2002, 08:09 AM
يتيم الشعر يتيم الشعر غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
الإقامة: وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ عدَدْتُ أرجاءه من لُبِّ أوطاني
المشاركات: 5,873
إرسال رسالة عبر MSN إلى يتيم الشعر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى يتيم الشعر
إفتراضي جمعة العلوي وأطروحة جميلة ..

التعميم في شعر الرثاء بين الشاعرين :
محمود سامي البارودي وعبد الرحمن العشماوي

جمعة العلوي
4/1/1423
18/03/2002


لكل زمان مقاله ، ولكل عصر رجاله ، ولقد كان التعميم يوماً ما هو السائد والمرغوب فيه ، خاصّة في شعر الرثاء ، بحجّة أن القصيدة يجب أن تبقى للأبد ، لاتموت بموت قائلها أو المقولة له ،
فمرثيّة المعرّي مثلاً بقيت معلماً للرثاء رغم ذهاب الراثي والمرثي واستطاعت أن تجسّد لنا الحزن العميق الذي عاناه الشاعر بموت مرثيّه ، وكيف أظلمت عليه الدنيا ، واستوى عنده ما فوق الأرض بما تحتها ، حتى لم يعد يفرّق بين الحزن والسرور :

غير مــجد في ملتي واعتقادي
نوح باك ولا تــــرنّم شـــــادي

أبكت تلكم الحـــــمامة أم غنّت
علــــى فرع غصـــــنها الميّاد

صاح هذي قبورنا تملأ الأرض
فأين القــــبور مــــن عهد عاد

خفف الوطء ما أظن أديم الـ . .
أرض إلاّ مـــــن هذه الأجساد

رب لـحد قد صار لحداً مراراً
ضـــاحكاً من تزاحم الأضداد

غير أن الكثير من النقاد أصبح اليوم ينظر إلى التعميم على أنّه نوع مرض في القصيدة ، يفقدها رونقها وشاعريّتها ، ويجعلها أقرب إلى نواح النائحة المستأجرة منه إلى الثكلى .
ولعل المثال يغني عن كثير من المقال ؛ فهذا الشاعر الفذ المعروف محمود سامي البارودي يرثي صديقه عبد الله فكري بهذه الأبيات :

لا بأبــــــــي مــن كان نوراً مجسّدا
يفــيـــــــــض علينا بالنـــعيـم رواؤه

ثوى برهة في الأرض حتّى إذا قضى
لبانته منـــــــــــها دعتــــــه سمــاؤه

ومــــا كان إلا كوكبـــــا حل بالثرى
لوقـــــــت ، فلمــــــا تم شال ضياؤه

نضـــــا عنه أثواب الفناء ، ورفرفت
إلى الفلك الأعـــــــــلى به مضواؤه

فأصـــــــبح في لج من النور سابحاً
سواحــــــــــــله مجهولة وفضــاؤه

تجرّد من غـــــــمد الحوادث ناصعاً
وما الســـــــــيف إلاّ أثره ومضاؤه

فإن يك ولّى فـــــــــــــهو باق بأفقه
كنـــــــــــجم يشوق الناظرين بهاؤه

ولولا اعـــــــــتقادي أنّه في حظيرة
من القدس لا ستولى على الجفن ماؤه

عليــــك ســــــلام من فـــؤاد نزا به
إليـــــــــك نزاع أعجز الطب داؤه

فمرثيّة البارودي هذه قيل عنها : إنها لا تقدّم المرثي بوصفه ذاتاً متفرّدة لها خصوصيّتها وملامحها ، التي تميّزها عن آلاف الذوات الأخرى ، بل تقدّم مجموعة من الصفات العامّة التي يمكن أن تنطبق على أي كائن آخر في الوجود .
ولم يكن من قبيل المصادفة أن البارودي كان قد كتب هذه القصيدة أصلاً في رثاء جمال الدين الأفغاني ، ثم حولها إلى رثاء صديقه عبدالله فكري .
لهذا نجد أن الدكتور العشماوي يتجنّب هذا التعميم عندما يرثى أحمد الزهراني بالقصيدة التالية :

يا أنت . . ما مرّت علينا روضة
في دربنـــــا إلاّ وتذكر أحـــــمدا

نـظر السحاب إليك نظرة معجب
وســـــــقاك ماء المكرمات مبرّدا

ورأيت أبراج الـــمعالي صافحت
كف السماء فصار عزمك مصعدا

أصبـــحت في ثغر الجهاد قصيدة
طـــــــرب الزمان للحنها وتنهّدا

هذي ربا زهــــــران أثمر لوزها
شـــــــغفاً وأينـــع شوقها وتجددا

أحـــــــــييت بالتقوى سعادة قلبها
وغـــــــــدوت فيها بالشهادة سيّدا

والـــــــطائف الولهان شدّ إزاره
فرحــــــــــــاً وأحيا ليله وتهجّدا

يُهدي إليك ســـــــــــلام كل ثنيّة
طربت للحنك حين كنت المنشدا

ويصُــــبّ في كفّيك من أزهاره
عــطراً تجود به أزاهير الهدى

أرأيت أحـــــمد كيف جرّد نفسه
في نــــصرة الحق المبين مهنّدا

ومضى على درب الجهاد مبكّراً
لم تبلغ الــــعشرين منه المقصدا

جعـــــل الشبـــاب مطيّة لجهاده
فشدا بألحـــــــان الجهاد وغرّدا

أرأيت بامــــــير التي فرحت به
فغـــــدت تمد إليه من شوق يدا

وغــدت تقول لكل من في نفسه
كبرٌ ومن ضل الطريق وعربدا

موت الشهــــيد حياته ، وحياتنا
في لهــونا الفتّاك عنوان الردى

يا من قطعت إلى الجهاد مسافة
ما زال يحـــبو دونها من أخلدا

. . . . . . . . . . . . . .الخ
فهذه الصفات خاصّة بـ ( أحمد الزهراني ) : فهو من قبيلة زهران ومن أرضها ذات اللوز والشوق ، وأحمد قد قتل شهيداً وأصبح بهذه الشهادة سيّدا ، وبلده الطائف فرحت بشهادته وتحمّست بها للعمل والعبادة ، فقد كان أحمد منشدها وكانت ( الهدا ) – وهي جزء من الطائف – ذات الأزاهير تصب أزاهيرها في كفي أحمد ، لأنّه جرّد نفسه للجهاد كما يجرّد السيف المهنّد ، وهو لم يبلغ العشرين يوم ودّع شهيداً ، وكان يوم وداعه المشهود ذاك في أرض (بامير) التي فرحت به ومدّت إليه من شوق يدا .
واستطاع العشماوي عبر هذه المرثيّة الرائعة أن ينقلنا معه على متن طيران شعره إلى هناك ، حيث أرض الجهاد:

ناديتني فسمعت صوتك والصدى
ووعــدتني فقـــبلت منك الموعـدا

ودعـوتني أخـــرى فلبّى خاطري
وحـجزت في طيران شعري مقعدا

وعــــبرت أجواء الحنين فما رأت
عينـــــــــــــاي إلاّ لهفــة وتــوددا

وأتيــت تمــــــنحني المسافة نفسها
أمة ، تســــــليني وتختصر المدى

وأتيــــت ترمقني الرياح بنـــــظرة
عجــلى ، وتحمل في يديها الموقدا

وأتيــــت ينــتحر الضياء على يدي
ويصير رمل الدرب حولي عسجدا

فمضينا معه وكلنا فخر بالجهاد ، وبالشهادة ، وشعرنا بالرياح ترمقنا بنظراتها ، وشاهدنا الموقد الذي تحمله الرياح . . الخ .
رحم الله البارودي ، ووفق العشماوي (1) .


--------------------------------------------------------------------------------
1 المراجع :
-مجلة العربي العدد 509 ،
-ديوان محمود سامي البارودي
-عندما يعزف الرصاص للدكتور عبد الرحمن العشماوي
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 24-03-2002, 03:08 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
إفتراضي

هي أطروحة ممتعة شيقة بالفعل وهي من الأطروحات التي تفيد القارئ حتى لو اختلف معها. والأستاذ يتيم الشعر يدلني باختياره على ذوق نقدي رفيع..وتعرف عقل الإنسان من قوله كما تعرفه من اختياره..
فالقارئ يفيد من الفكرة البانية للأطروحة وهي الفصل ما بين التعميم والتخصيص في الرثاء(ولك أن تعمم على المديح أيضاً)
ولكنك ترى في الأـطروحة من البداية انحيازاً للتخصيص على التعميم إذ التعميم عند "كثير من النقاد" يفقد القصيدة رونقها وشاعريتها ويجعلها أقرب إلى نواح النائحة المستأجرة منه إلى الثكلى.
وقبل ذلك نرى التشكيك في مناسبة التعميم لعصرنا إذ هو من شعر ما مضى.
بالمناسبة أود أولاً الإشارة إلى أن تشاؤم أبي العلاء في قصيدته المذكورة"غير مجد.." لم يكن نتيجة لموت صديقه فهو كان متشائماً دوماً لا يكاد يبهجه شيء وفلسفته في الحياة هي التشاؤم.
لدينا ثلاث مقولات في الأطروحة:
1-أن التعميم يخص زماناً مضى-لا يتناسب مع زماننا.
2-أن التعميم يفقد القصيدة رونقها وشاعريتها ويخل بمصداقيتها فيجعل الرثاء فيها كنواح المستأجرة.
3-ثم هناك مقولة ضمنية يبنى عليها منطقياً كل ما ورد في الأطروحة: إن التخصيص والتعميم أمران مختلفان ومتنافيان ولا يتداخلان مما يجعل عدم التعميم أمراً ممكناً! ولنحاول فحص هذه المقولات:
المقولة الأولى لم أجد في الأطروحة برهاناً عليها فهل زماننا لا يتصور فيه التعميم؟ أم يجب فيه عدم التعميم ومن عمم فقد وجب عده خارج زمنه؟
حيث أن البارودي عمم وغيره عمم أيضاً فهناك في زمننا من يعمم فهل هم خارج زمنهم؟ هل هذا حكم استقرائي ناتج عن رؤية التيار الغالب في عصرنا أم هو حكم استنتاجي من خاصية جوهرية في عصرنا تفرض التخصيص؟ لم أجد في الأطروحة تبريراً لهذه المقولة.
أما أن التعميم يفقد القصيدة رونقها فهو أيضاً مما لا برهان عليه وهل فقدت قصيدة أبي العلاء رونقها بالتعميم؟ انظر إلى رونق وروعة قصيدة أبي تمام:
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر..فليس لعين لم يفض ماؤها عذر
..
وفيها الأبيات الخالدة
وما كان إلا مال من قل ماله...وذخراً لمن أمسى وليس له ذخر
فتى دهره شطران فيما ينوبه..ففي بأسه شطر وفي جوده شطر
فتى مات بين الطعن والضرب ميتة..تقوم مقام النصر إذ فاته النصر
وما مات حتى مات مضرب سيفه..من الطعن واعتلت عليه القنا السمر
وقد كان فوت الموت سهلاً فرده..إليه الحفاظ المر والخلق الوعر..
لا أجد رونقاً أكثر من هذا الرونق!وبحق قال من قال:ما مات من رثي بمثل هذا الشعر!
على أن هذه النقطة تقودني إلى النقطة المنطقية الأخيرة:
هل التعميم والتخصيص متنافيان وهل الكلي ينافي الجزئي المتعين الفردي؟
وهل التخصيص ممكن أصلاً في الصفات؟.
احذف أسماء العلم من قصيدة العشماوي فتجد نفسه حيال كليات معممة!وصحيح أن تزاحم الكليات يعطي تضييقاً للجزئيات المشمولة بها ولكن النتيجة تظل أيضاً تعميماً!
وما أكثر من تنطبق عليهم أبيات من نوع:
نظر السحاب إليك نظرة معجب..وسقاك ماء المكرمات مبردا
ورأيت أبراج المعالي صافحت..كف السماء فصار عزمك مصعدا
أصبحت في ثغر الجهاد قصيدة..طرب الزمان للحنها وتنهدا
ومضى على درب الجهاد مبكراً..لم تبلغ العشرين منه المقصدا
جعل الجهاد مطية لجهاده..فشدا بألحان الجهاد وغردا..
إلى آخره..
ولا يخل هذا بمستوى القصيدة الفني الرفيع لعمري ولا يجعلها من قبيل نواح المستأجرة!
أقول هذا للتدقيق وأنا بالتأكيد أتفهم المعنى الذي يقصده الأستاذ جمعة وهو الدعوة إلى التخصيص في القصائد بقدر الإمكان ولكن للتعميم دوراً وهو بالفعل وكما ورد في مقدمة المقال يهب الشعر الخلود بل حتى ما هو خاص في القصيدة كذكر الأماكن والأزمنة لا يهم القارئ إلا إن نظر إليه كمثال يمكن تعميمه! فليست الأماكن المحددة والأزمنة المعينة بذاتها هي ما تهب لوحدها القصيدة رونقها وإن كانت تهبها بالفعل مصداقية واقعية بل الرونق يأتي أيضاً من جمال الوصف وصدق العاطفة علاوة على انحياز القارئ المسبق لأفكار تدافع عنها القصيدة..
والله أعلم..
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م