الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد
ليس كل ما يُعلم مما هو حق يطلب نشره وإن كان من علم الشريعة ، بل إن ذلك ينقسم إلى قسمين ، فمنه ما هو مطلوب النشر ، وهو غالب علم الشريعة ، ومنهم ما لا يطلب نشره بإطلاق ، أو لا يطلب نشره بالنسبة إلى حال أو وقت أو شخص . فمما لا يُطلب نشره :
• علم المتشابهات والكلام فيها ، فالله سبحانه وتعالى ذم من اتبعها ، فإذا ذُكرت وعُرضت للكلام فيها فربما أدى ذلك إلى ما هو مستغنى عنه . قال تعالى (( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله )) .
• ترك الشيء المختار والإعلام به مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه ، وأصل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (( يا عائشة لولا قومك حديث عهدهم بكفر لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين : باب يدخل الناس وباب يخرجون )) رواه البخاري .
• الزجر عن التحديث بكل ما يسمع الإنسان ، لأنه إذا حدّث بكل ما سمع كثر الخطأ في روايته . والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (( كفى بالمرء كذبا أن يحدّث بكل ما سمع )) رواه مسلم .
• الإعلان عن الفرق الواردة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم على التعيين والتفصيل وهو (( ... وتفترق أمتي على ثلاث وسبعون فرقة )) ، وهي مسالة أفاض الشاطبي في بيانها ، واستظهر عدم الإعلان على التعيين ليكون سترا على الأمة ..
• تحديث الناس بما لا تبلغه عقولهم . قال على رضي الله عنه ( حدّثوا الناس بما يعرفون ، أتُحبون أن يُكَذّب الله ورسوله ؟ ) رواه البخاري .
• أن لا يُذْكر للمبتديء بالعلم ما هو حظ المنتهي ، بل يُرَبّى بصغار العلم قبل كباره .
• سؤال العوام عن علل مسائل الفقه وحكم التشريعات وإن كان لها علل صحيحة وحكم مستقيمة . ولذلك أنكرت عائشة رضي الله عنها على من قالت : لم تقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ وقالت لها : أحرورية أنت ؟
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم