نزهات فكرية هي مجموعة من الخواطر
بقلم: يحيى الصّوفي
مقدمة: نزهات فكرية هي مجموعة من الخواطر أردتها تشبه النزهة في حديقة كبيرة غناء نقطف منها بعض من زهورها وورودها ولما لا بعض من أشواكها البرية،
الإلهام
من منا لم تسيطر عليه فكرة ما أو موضوع أو مشروع تمنى أن ينجزه ولم تستجيب لنا إلا في مكان وزمان لم نتوقعه وفي ظرف لم نحسب له حساب ؟
ومن منا لم يستيقظ ليخط عبارة ويتفقد جملة ويصحح فكرة أو بكل بساطة يكتب قصة أو رواية أو مقالة دون سابق إنذار وفي مواضيع لم يكن يتوقع الخوض فيها.؟
بل سأذهب ابعد من هذا لأقول من منا لم يفاجئه هبوط جواب لمعضلة ما كان يبحث عنها وهو يمارس حياته اليومية فإذا ما أهمل تسجيلها أضاعها وحزن عليها كما يحزن الفارس على كبوة جواده؟
في الحقيقة لقد عايشت أكثر من هذا في سعيي لتسجيل لحظات الإلهام تلك منذ أن وعيت الحياة وأدركت أهمية تلك اللحظات المهيبة العظيمة التي تسيطر علينا حيث تذهب بنا إلى عوالم من الخيال المليئة بالعفة والصدق وقد سكنتها الحجة وازدهرت في أرجائها تلك المتعة الروحية في اكتشاف ومعاينة ومعالجة الحياة والتقرب إلى المعرفة وهي بتول لم تمسها بعد يد طامع ولم تشوه نقاء منبعها الصافي أي أثيم.
ونكبر وتكبر معها تجربتنا وخبرتنا واكتشافنا للعالم المحيط حولنا فلا نجد أي ملجأ امن لنا للحفاظ على أحلامنا الطاهرة إلا تلك اللحظات الرائعة التي يهبها لنا الإلهام فنستدرجه بما اكتسبناه من خبرة ليحملنا على جناحيه ونخط بمعييته أجمل أعمالنا. !
وهكذا يستطيع الكاتب من التحكم -في لحظات من النضج التي يصل إليها في حياته- بأفكاره ومواضيعه التي يحب أن يتطرق إليها، وهكذا يستطيع بمتابعة أي عمل أدبي طويل يحتاج للمراجعة والمداولة والمتابعة دون أي انقطاع في تسلسل للحدث وكأنه قد عقد صفقة مع وعيه وإلهامه فيبدع كما لو انه تحت سيطرتها ولا يعيبه صوت يجيئه من هنا أو نبرة عالية من هناك أو نداء لطفله يتوسل عنده قبلة أو زوجة اشتاقت منه لمسة حب أو إطلالة حنان فيعيش قصص أبطاله كما يعايش أهل بيته بانسجام ووئام حتى لا تختلف القيم التي يخطها على لسان شخوصه عن تلك التي هي مصدر إلهامه وعطائه ونجاحاته، ولهذا أنا لم أجد بتاتا ولا في أي لحظة من لحظات العطاء التي عايشتها بأي انزعاج عن أي انقطاع بسبب حلول طفل لي يستجدي ضمة مني أو قبلة أو لحظة دفء لأنني على يقين بأنني إذا ما بخلت فيها عليه فان تلك اللحظات العابرة من طفولته والتي لم تنال من اهتمامي هي لحظات ضائعة لم نستطيع مهما فعلنا استعادتها وتعويضها في حين انقطاعنا عن لحظات الإلهام ونحن نخط سطورنا هي طوع الكاتب وتحت سيطرته يستطيع استدراكها وجلبها متى أراد وهنا تظهر قوة وتمكن الكاتب من أدوات كتابته وأهمها الإلهام.
__________________
شكرا لك اخي ابو معاذ على التوقيع
|