مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 13-04-2006, 08:50 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي تاريخ سياسي (3) الشيخ خزعل اول ماسوني في الخليج


حكايات من تاريخ القوميات المهملة:



مَنْ هو الشيخ خزعل، أول ماسوني في الخليج
وكيف ضاع بلد عربي بين ممالأة الإنكليز ومناوأة الأتراك؟


الشيخ خزعل


يعد الشيخ خزعل من الشخصيات العربية البارزة في تاريخ العرب الحديث، إذ إنه لعب دوراً رئيسياً في أحداث الخليج العربي في الربع الأول من القرن العشرين، وساهم مساهمة فعّالة في أحداثه، واحتل مكانة مرموقة بين أمراء الجزيرة العربية. وحرص أمين الريحاني في كتابه "ملوك العرب" على أن يؤكد لنا: "إنه أكبرهم بعد الملك حسين (شريف مكة) سناً وأسبقهم إلى الشهرة، وقرين أعظمهم إلى الكرم".

ولد الشيخ خزعل في العام 1862، وهو كعبي عامري تجري الدماء العربية في عروقه، أمه نورة بنت طلال شيخ قبيلة الباوية، التي تنحدر من ربيعة. وكان قد تزوجها أبوه الحاج جابر بن مرداو زواجاً سياسياً ليكسب بها قبيلة أبيها المنشقّة عليه. نشأ الشيخ خزعل في المحمرة وتعلم على أيدي بعض من شيوخ النجف، وتدرب على الفروسية.

تولى الإمارة على أثر اغتياله لأخيه الشيخ مزعل العام 1897، ولهذا الاغتيال دلائله. فبالإضافة إلى الدوافع الذاتية التي حدت الشيخ خزعل على الإقدام عليه، كانت هناك دوافع سياسية خفية تعد رئيسية في تلك الأحداث. فالمعروف عن الشيخ خزعل أنه كان حذراً من المصالح البريطانية في عربستان، لا سيما الملاحة في نهر كارون، وقد عارض المشروع إلاّ أنه أخفق في إقناع بريطانيا بتركه، فظلت بريطانيا تنظر إليه بعين القلق والريبة. وجاءت الفرصة عندما عرض الشيخ خزعل على بريطانيا ما ينوي الإقدام عليه، وأكد لها التزامه بمصالحها فشجعته على ذلك.

ويقول أمين الريحاني عنه أيضاً: "إنه غني حكيم كريم، يساعد في بناء كنيسة في بلاده لمنكوبي الكلدان، ويساعد في تأسيس محفل للماسون (...) ويفتح خزانته لراقصة أو مغنية كما يفتحها لأولي البر والإحسان من الطوائف كلها جمعاء (...) إذ ناوأه أحد مشايخ القبائل وهمَّ بالخروج عليه، وكانت له بنت صالحة للنكاح، يزوره السردار أقدس ويشرفه بالمصاهرة فتخمد في الحال جذوة التمرد والعصيان. وهو لا يزال على سنه التي تجاوزت الستين أهلاً لمثل هذه المهمات".

لقد انتمى الشيخ خزعل إلى المحافل الماسونية وساعد في إنمائها فمُنح أوسمة كثيرة، واختير رئيساً فخرياً للمحفل المصري، وكانت له مع يوسف الحاج اللبناني الذي أسس المحفل الماسوني في المحمرة، ومع الأمير محمد علي في مصر وهو الأستاذ الأعظم للمحفل الأكبر الوطني المصري، علاقات وطيدة.

كما كان من المعروف أن الشيخ خزعل شيعي المذهب، له عند علماء الدين في النجف وكربلاء مقام كبير. وكان قصره لا يخلو من وفودهم، كما كانت له مواقف مشرّفة في أعمال البر. وهو برغم هذا لم يعرف عنه التعصب المذهبي الذي كان شديداً أيامه ولم يعادِ أصحاب المذاهب الأخرى. ويُروى أن مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني زاره في المحمرة للحصول على هبة لترميم المسجد الأقصى، فأعطاه تسعة آلاف روبية. ويذكر عن الشيخ خزعل أيضاً أنه كان مفرطاً في الجنس حتى تجاوزت زوجاته الستين أو أكثر.

ولما قررت بريطانيا غزو العراق ـ إبان الحرب العالمية الأولى ـ رأت أن تستميل إلى جانبها شيوخ الإمارات العربية القائمة على ضفاف الخليج العربي، لتؤمن مواصلاتها عبر الخليج إلى الهند. فأصدرت لهم تعهدات في المحافظة على أوضاعهم الراهنة وضمان حريتهم وعقائدهم وإعلانهم شيوخاً مستقلين تحت الحماية البريطانية.



اندلاع الحرب


ولما اندلعت الحرب ـ وأصبحت الدولة العثمانية في الجانب المضاد لبريطانيا ـ صدرت الأوامر بـإرسال قوات بريطانية إلى عبادان. وقد أعطيت في حينه مسوغات لتلك الحملة، ومنها: صيانة النفط في عربستان من أجل الاستهلاك البريطاني. وقد خشيت بريطانيا أن تعمل القوات العثمانية في منطقة عربستان، وتحرم بريطانيا موارد النفط وبالتالي تقضي على النفوذ البريطاني، فكان لزاماً على الإنكليز أن يعملوا كل ما في وسعهم لاستمرار تسيير أعمال شركة النفط الإنكليزية ـ الفارسية، التي كان خط أنابيبها يصل إلى جزيرة عبادان الواقعة في رأس الخليج، وكانت آبارها تقع إلى الجهة الشرقية الشمالية من عربستان. وقد ضوعف ـ في النصف الأول من عام 1914 ـ خط الأنابيب وتوسعت معامل التصفية توسعاً كبيراً.

وما أن أعلنت الدولة العثمانية الحرب على الحلفاء في الخامس من تشرين الثاني 1914، حتى أذيع على الأهالي في منطقة الخليج بلاغ ذكر فيه أن بريطانيا لا تضمر أي عداء للعرب ما داموا يظهرون صداقتهم لها، وأن القوات البريطانية لم تحضر إلاّ لتواجه الاعتداء التركي، وتدافع عن أصدقائها العرب.

وكان الشيخ خزعل ـ في جميع مراحل الاحتلال ـ عوناً للإنكليز في حربهم في المنطقة، متجاهلاً الرأي العام في إمارته، فوضع جميع ممتلكاته وأتباعه بـإمرة جيوش الاحتلال، واشترك في القضاء على كل حركة تمرد ضد أصدقائه الإنكليز. وقد قام بذلك لقاء تأكيد بريطاني وجّهه له في 21 تشرين الثاني 1914 ممثل بريطانيا في الخليج.

لقد خضعت البصرة للسيطرة العثمانية منذ العام 1546، وكان غرض العثمانيين من فتحها، مقاومة البرتغاليين في الخليج ومياه الهند. وظلت البصرة ولاية عثمانية يحكمها متصرف باسم باشا بغداد حيناً ومستقلاً عنه أحياناً كثيرة. وكان ذلك المتصرف لا يستطيع الدفاع عن ولايته وتثبيت حكمه ونشر الأمن دون أن يستمد العون بانتظام من القبائل المحيطة بالبصرة.

وقد حرص والي البصرة دائماً على كسب صداقة شيخ المحمرة، غير أنه لم يكن موفقاً دائماً، لا سيما في عهد الشيخ خزعل، الذي كان له نفوذ عظيم في البصرة، لسكنى قسم غير قليل من أفخاذ عشائر المحيسن على امتداد شواطىء شط العرب الغربية، وكانت له صلات طيبة مع أهلها، إذ ارتبط مع بعض الأسر البصرية برباط المصاهرة لتقوية هذه الصلة، إضافة إلى أملاكه الواسعة التي قدرت بنحو نصف مليون ليرة عثمانية. وكان جميع كبار الملاكين يعتمدون عليه ويحتمون به، وهكذا لعبت عشائر الشيخ خزعل دوراً تقليدياً في حياة الولاية السياسية، وبقيت مصدر إزعاج مستمر لحكّامها. أما سلطة الوالي فلم تكد تخرج عن نطاق أسوار المدينة نفسها.


***

قصة البصرة

والعلاقة بين الشيخ خزعل وولاية البصرة أساسية في روايتنا لأحداث عربستان. وهي تنقسم إلى فترتين متميزتين:

الأولى: قبل إعلان الدستور في الدولة العثمانية عام 1908، وقد امتازت العلاقات بنفوذ كبير للشيخ خزعل في البصرة على الولاة، وتسلّط لا حدود له، وكان يستعين على ذلك ـ في كثير من الأحيان ـ بالسيد طالب النقيب، الذي دخل في صراع مع الأتراك، وقام ببطولات أعطته اسماً أسطورياً في جنوب العراق. فكان مرهوب الجانب، صعب القيادة، وكان يبطش بخصومه دون رحمة; ويحمي أتباعه. وقد جمع بسخائه وبطشه أعواناً كثيرين استغلهم لمصلحته ولمضايقة ولاة البصرة الذين تعاقبوا عليها. فخشي الولاة بأسه، ولبوا طلباته. وقد أفاد الشيخ خزعل من نفوذه كثيراً، وكانت تغلب على علاقته بهم في هذه الفترة المصلحة الشخصية المتمثلة بالمنافع المتبادلة.

فللشيخ خزعل في البصرة أملاك واسعة وأتباع كثيرون، والإدارة العثمانية أضعف من أن تحمي تلك الممتلكات. فكان لا بد له أن يبحث عن شخصية متنفذة قوية ليستعين بها على حماية مصالحه، فوجد في شخص السيد طالب النقيب ضالته المنشودة. فكسبه إليه وأغدق عليه وشمله بكرمه وخصص له راتباً شهرياً بلغ خمسين ليرة عثمانية ذهباً.

الثانية: وهي التي بدأت بعد إعلان الدستور في العام 1908، وقد امتازت بتوتر واضح وصراع لم يهدأ بين الشيخ خزعل ومؤيده السيد طالب النقيب، وبين ولاة البصرة الذين تعاقبوا على الحكم في هذه الفترة. سببه جنوح حزب"الاتحاد والترقي"الحاكم إلى السيطرة الفعلية على ولايات الأمبراطورية في الخليج، والقضاء على كل نفوذ محلي للعناصر غير التركية، من شأنه أن يحد من سلطة الولاة في ولاياتهم. ولما كان نفوذ الشيخ خزعل والسيد طالب النقيب في البصرة كبيراً، فمن الطبيعي أن تدور رحى صراع لا يمكن أن يخمد أواره مع سلطة الوالي العثماني.

ومما زاد توتر العلاقات في هذه الفترة، أن السيد طالب النقيب تقلد زعامة المعارضة للاتحاديين الأتراك في العراق بعد ثورة 10 تموز 1908 (وكان قد أيدها بادىء الأمر باعتباره عضواً في "الاتحاد والترقي") وأخذ على عاتقه مناهضتهم والعمل على طردهم من ولاية البصرة وبالتالي المطالبة باستقلالها. فقد كان يُمنّي نفسه بـإمارة عربية تشمل البصرة وما جاورها على غرار إمارة الشيخ خزعل في عربستان.

وكانت علاقة الشيخ خزعل معه قد تبلورت بعد ذلك، ولم تبق مجرد أطماع شخصية، بل تعدتها إلى الصلات القومية والأماني العربية التي أخذ أمراء العرب في تلك الربوع يفكرون بها، بعد سياسة التتريك التي ضاقوا بها ذرعاً، وعملوا متحدين للتخلص من كابوسها. وقد شهدت كل من البصرة والمحمرة والكويت اجتماعات متوالية بين أمير المحمرة الشيخ خزعل (وتعد إمارته امتداداً طبيعياً للبصرة) وأمير الكويت الشيخ مبارك الصباح (وهو رسمياً قائمقام للبصرة) وزعيم البصرة السيد طالب النقيب (المطالب بحكمها الذاتي)وغيرهم.



الحركة القومية

ومما يلفت النظر آنئذٍ أن الحركة القومية العربية في المنطقة كانت تسير بقوة ونشاط، وأن الاتحاديين كانوا أعجز من مقاومة تأججها في النفوس والقضاء على نفوذ أصحابها، لا سيما أن السيد طالب النقيب قد أسس في 16 آب 1911 حزب "الحرية والائتلاف" لمناوأة الاتحاديين، يعضده فيه كل من الشيخ خزعل والشيخ مبارك. وقد انتخب السيد طالب عضواً في مجلس المبعوثان في الآستانة عام 1911 وبعد حلَّ حزب "الحرية والائتلاف" أسس في 28 شباط عام 1913 "جمعية البصرة الإصلاحية"، التي طالبت بالحكم الذاتي، وروّجت لفكرة الإصلاح اللامركزي، وذلك بتأليف مجالس محلية للولايات العربية ـ ومنها البصرة ـ لتعالج مشاكلها وشؤونها بنفسها.

ومن أهم ما تمخضت عنه هذه الحركة في تلك المنطقة العربية هو اجتماع مؤتمر الفيلية الذي عقد في آذار عام 1913 بين زعماء شمال الخليج العربي الثلاثة ـ خزعل ومبارك وطالب ـ للتخطيط لمستقبل السياسة العربية في المنطقة بعد أن تردت العلاقات العربية ـ التركية وأنذرت بانفجار شديد. وقرر المؤتمرون الاتفاق على التحالف فيما بينهم وتنسيق سياستهم.

ويمكن اعتبار تلك الاجتماعات، برغم أنها لم تكن لها صبغة رسمية، وهذا الاتفاق العربي، محاولة أولى من نوعها للتجمع على أساس لا مركزي تقع في تاريخ العرب الحديث. فلو قُدِّرَ لهذا الاتحاد العربي أن يقف على قدميه لولدت في رأس الخليج العربي إمارة من أغنى دول الوطن العربي بلا منازع، ولما خسر العرب بعدها عربستان. وقد أحيط القوميون العرب ـ في بغداد واستنبول وسورية ومصر ـ علماً بقرارات المؤتمر، وتعرضت الصحافة العثمانية لهذه الاجتماعات، واتهمت المؤتمرين بإضعاف نفوذ الدولة العثمانية في المنطقة.

كذلك تعرضت المنطقة إلى مضايقات الاتحاديين، إزاء تلك السياسة القومية التي نهجها زعماء الإمارات فيها، ومناهضتهم لسياسة التتريك. والتزم كل من الشيخ خزعل والشيخ مبارك بسياسة السيد طالب النقيب في درء الخطر الذي أخذ يهدد المنطقة، وقدما له العون المادي والأدبي، كما مدّه الشيخ خزعل بالسلاح.

ولما كانت الأحوال في ترد مستمر، والعلاقات بين العرب والاتحاديين تزداد نفوراً يوماً بعد آخر، اقتُرح في منتصف تشرين الثاني عام 1913 عقد مؤتمر آخر في الكويت في بداية العام 1914 للنظر في مستقبل الأمة العربية، وحل مشاكلها الناجمة عن مضايقات الأتراك، وفي إمكانية قيام ثورة عربية ضدهم، وإزاحة النير التركي عنهم. وقد وجهت الدعوات إلى الشريف حسين، (شريف مكة) في الحجاز والأمير عبد العزيز آل سعود في نجد، والأمير سعود آل رشيد في حائل، والشيخ عجيمي السعدون، والشيخ مبارك الصباح، في الكويت والشيخ خزعل في المحمرة، والسيد طالب النقيب في البصرة. ولكن لم يكتب لهذا المؤتمر النجاح، فقد وئد في المهد بعد أن اعتذر ابن سعود عن حضوره بحجة عدم استعداده للثورة آنئذٍ. فتأجل انعقاده.


***
  #2  
قديم 13-04-2006, 08:52 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

بعد سلسلة "حكايات عن هواجس العرب والفرس"، يبدأ كاتب"الفترة الحرجة"من جديد في"النهار"هذا الأسبوع، سلسلة من ثلاث مقالات عن القوميات المهملة في التاريخ العربي المعاصر، وهي عبارة عن حكايات تاريخية لمجموعة أحداث لها أبطالها ولها ظروفها، وكذلك لها طرافتها.

وتعتبر هذه السلسلة الجديدة، بمثابة إضاءة إضافية لمجموعة "قضايا خاسرة" أخرى ربطها العرب بهواجسهم التاريخية مع إيران، وخصوصاً ما يتعلق بالدور الفارسي في الخليج. كل ذلك كي لا يعود تاريخ ما أهمله التاريخ كمّاً مهملاً.

"قال الخليفة المنصور لبعض قواده: أجعْ كلبك يتبعك، وسمّنه يأكلك.
فقال له أبو العباس الطوسي: يا أمير المؤمنين، أما تخشى إن أجعته أن يُلوّح له غيرك برغيف فيتبعه ويدعك!."
"العقد الفريد"
لابن عبد ربه



ِككل حكايات الأوطان، لا بد لقصة عربستان أن تبدأ من التاريخ. وتاريخ عربستان تاريخ حافل ملوّن بأسماء غريبة وأبطال وهميين وجغرافيا فريدة وأحداث ضاعت في غياهب النسيان، وبصراع دولي ما زال يتكرر بأسمائه وحذافيره بعد أكثر من نصف قرن على مسيرته الأولى.

عربستان وطن عربي ضاع ثلاث مرات. المرة الأولى قبل حوالى سبعين سنة، عندما ضمته بريطانيا إلى إيران. والمرة الثانية عند قيام الثورة الإسلامية في إيران. والمرة الثالثة عند نشوب الحرب العراقية ـ الإيرانية. وفي المرات الثلاث كانت العروبة هي الضحية، وكان الوطن هو الثمن، وكنا نحن العرب، الأداة والضحية في آنٍ معاً.

عربستان كانت وطناً عربياً وضاع، بينما ظلت قضايا الأوطان الأخرى الخاسرة أحلاماً بوطن وسعياً لجمع شمل، أملها في تحقيق ذاتها كأمل الشيطان بالجنة. وعند هذا الإدراك تزداد الحرقة بالخسارة ويُعمق الجرح بالفرص الهاربة. لذلك فقصة عربستان حكاية جميلة تروى، لأن أحداثها ما زالت تتوالى على مسرح الاستراتيجية الدولية، والصراع حولها ما زال مستمراً فصولاً.



تبدأ التطورات السياسية العامة لعربستان بمجيء بني كعب من الداخل إلى ضفاف الخليج الشمالية في عربستان، فكانوا النواة التي التف حولها التشكيل العربي الحديث في المنطقة والذي أخذ ينمو إلى دولة، وانطلق بنو كعب خلالها من قيود بيئتهم ومضوا يشقون طريقهم إلى البحر الذي ظلوا يستمدون مقوماتهم منه.

فقامت أسرة آل مرداو ـ وآخر أمرائهم"بطلنا"الشيخ خزعل ـ تحمل العبء، باعتبارهم الورثة الطبيعيين لبني كعب في المنطقة، وقبضت على زمام الحكم. والجدير بالذكر أنه لم تقم في عربستان وحدة سياسية واسعة تضم الوحدات السياسية الصغيرة المجاورة. ولعل ذلك يرجع إلى أن بني كعب قد حملوا إلى بيئتهم الجديدة ما تعوّدوه من تنازع وتنافر، إلى جانب تغلغل النفوذ الأجنبي في المنطقة ـ لا سيما النفوذ البريطاني ـ الذي كان من أهم أهدافه الحيلولة دون تكوين وحدة سياسية كبيرة للبلدان العربية في الخليج العربي. بالإضافة إلى مراحل النزاع الفارسي ـ العثماني على عربستان، الذي احتدم على طول الحدود السياسية فشجع الأطراف المتنازعة على البحث عن الأصول التاريخية للمشكلة.

وكانت صلات عربستان ولا سيما مع الكويت ونجد والعراق، صلات مباشرة بعيدة عن التعقيد السياسي الذي تنطوي عليه دول العرب اليوم. فقد اتسمت تلك العلاقات بالانفتاح التام والتعاون الوثيق، فلا حواجز ولا قيود. كان العرب يتنقلون في المنطقة بلا عائق يمنعهم. وقد قام الشيخ خزعل بمجهود سياسي فاعتبر بارعاً في علاقاته. إذ كان رفيقاً ملازماً لشيوخ الكويت، وسنداً كبيراً للسيد طالب النقيب، (المطالب بعرش العراق فيما بعد) ووسيطاً كريماً للأمير ابن سعود (الملك فيما بعد). وكان الشيخ خزعل من البارزين في الميدان إبان الاحتلال البريطاني للعراق، فوضع طاقاته بكاملها تحت تصرف المحتلين ووهبهم ثقته طمعاً في مساندتهم إياه. ولكن خاب ظنه عندما أعاقوا ترشيحه لعرش العراق، فكانت تجربة قاسية أفهمته أن الديبلوماسية البريطانية تسعى وراء مطامعها. ولكنه لم يتعظ بها.

أما النفوذ الأجنبي في عربستان، فقد تطور انطلاقاً من التوسع الأوروبي في حوض الخليج العربي، إذ شهد الخليج ضغوطاً أوروبية متسلسلة ربطت ما بين القرن السادس عشر وأوائل القرن العشرين. فغدا عنصراً هاماً من عناصر السياسة الدولية، مما دفع طلاب الثروة إلى إنشاء مراكز تجارية ومستعمرات لهم. فكانت أولاً منافسة برتغالية ـ هولندية، ثم ترعرعت في أرجائه منافسة بريطانية ـ فرنسية، ثم أعقبها تخوف بريطاني من امتداد النفوذ الروسي إلى الخليج، وقد غدت فارس خلاله ميداناً رئيسياً لذلك الصراع الذي أخذ ينمو ويتفرع.

ولما كانت عربستان تحتل موقعاً كاملاً على فم الخليج، فقد تحولت إلى مركز سياسي واقتصادي مهم في الشرق الأوسط، وأصبحت من المواضيع المهمة في العلاقات الدولية. لذلك شهدت تحديات أجنبية متعددة الجوانب استطاع الوجود العربي أن يصمد أمامها، فظل الخليج عربياً واعتصمت العروبة في أقطاره متخذة معاقلها على سواحله. وكانت عربستان تشكل عالماً مهماً يعد من المعالم الحضارية العربية البارزة في حياة شعوب الخليج.


.....

دار رياض الريس للكتب والنشر

http://www.elrayyesbooks.com/Articles/Jul99/26/2.htm




تعريف بالناشر والدار :

http://www.elrayyesbooks.com/



سيرة ذاتية كتبها في : اخر الخوارج

موجز الكتاب "هذا الصحافي الوراق (رياض نجيب الريس) هل هو سوري أم لبناني؟ لا أحد يعرف تماماً؟ نصف اللبنانيين يعتقدون أنه لبناني دون أن يعترفوا بلبنانيته. ونصف السوريين يعرفون أنه سوري دون أن يقروا بأهليته. في رأيه هو أنه نموذج مثالي لنتاج مقولة: "شعب واحد في بلدين (...) فلا سوريته خدمته، ولا لبنانيته شفعت له. وظلت عروبته مقياس هويته الوحيد. وإذا بوضعه كوضع دولة تعلن استقلالها من طرف واحد(...)". "ليس في هذا الكتاب أي شيء شخصي خارج سياق حياة هذا الوراق في الصحافة. إذ ليس فيه فضائح أدبية ولا مغامرات نسائية ولا بطولات وهمية ولا مؤامرات سياسية ولا تصفية حسابات شخصية. كل ما فيه مرتبط ارتباطاً عضوياً تاريخياً بعلاقته بمهنة الصحافة، كما عرفها ومارسها وعانى منها وعانت ".منه. هذا كتاب مهني عن مهنته
http://www.arabicebook.com/Items/it...ay.aspx?IID=407
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م