وداعا رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد
بالأمس عشنا روضة من رياض الإيمان وعيداً لمواثيق الامتنان، ومدرسة إيمانية تفضَّل الحق بها على جميع الأديان، شرفكم الله يا أمة الإسلام بمائدتها وفضَّلكم عليهم ذكراً وقدراً لما لكم عنده سبحانه من عظيم الفضل والمكانة، أليس حريّاً بنا أن نوقره قدراً ونرفعه ذكراً بالانتهاء عما نـهى عنه وزجر والإئتمار بما حضَّ عليه وأمر، ونحن القادرون بإذنه وفضله على ذلك إذا أخذنا
بقوله سبحانه: (وَأَنْ لَوِ اسْتِقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَاءً غَدَقاً وقوله سبحانه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ فبشائر السعادات لائحة في جبين كل مسلم تترقبها الآفاق وتشتاق لها الأمم الصادقة أيما اشتياق، ألا يجدر بنا أن ننتبه من غفلتنا ونؤوب إلى ربنا حمداً وشكراً واستغفاراً وذكراً، نقيم شرع الله كما أمر الله على لسان رسول الله r. قال تعالى : (( أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ ولا تَتَفَرَّقُوا فيِهِ .
يالها من سمات ميثاق قويم شهدناها في كل شهر من رمضان وعايشتها الحضارات الإسلامية في كل وقت وآن، من خلال المجتمع الإسلامي الكبير، في رعاية رب الأسرة لأسرته، ورعاية الزوجة لحقوق زوجهاوأبنائها، والمحافظة على بيت الزوجية، وعلى الأبناء أن يرعوا برهم بوالديهم. وأن يتقوا الله في برهم فإن الجنة تحت أقدامهم، وكذا في رعاية المعلم لطلابه حتى يمضي بهم إلى طريق المجد والسُّؤْدُدِ فينشَّأهم التنشئةَ الحسنةَ ويحذِّرُهم دسائسَ الأعداء في الثقافة والقيمِ وبذلك يكتمل العدلُ المرادُ (( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ(.
أيها المؤمنون: شرع لكم ربُكُم في ختام شهر رمضان زكاةَ الفطر، ففرضها رسول الله r، من غالب قوت أهل البلد: صاعاً من تمر أو صاعاً من بر، أو صاعاً من شعير، عن الحرِ والعبدِ والذكرِ والأنثى والصغيرِ والكبيرِ من المسلمين طُهرة للصائم من اللّغو والرّفث وطعمة للمسكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ،ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات، تجب بغروب شمس آخر يوم من رمضان ،وأفضل أوقاتها يوم العيد قبل الصلاة ، يخرجها المسلم عن نفسه وعمَّن تلزمه نفقتهم من زوجة وأولاد وأبوين فقيرين أو مـملوكين، وتعطى لفقراء البلد خاصة، ويجوز نقلها للأحوج والقريب. ويحرم تأخيرها عن يوم العيد، إلا لعذر شرعي .
واتفق الأئمة على أن زكاة الفطر لا تسقط بالتأخيرِ بعد الوجوب بل تصيرُ ديْناً في ذِمّة من لزمته حتى تؤدى ولو في آخرِ العمرِ. فأخرجوها من أطيب ما تجدون )لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ(.
والحمد لله رب العالمين.
|