مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 29-10-2001, 06:01 PM
بوفاتح بوفاتح غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 46
Post الوفد المرافق له

الوفد المرافق له

فجأة وبدون سابق إنذار تحولت المدينة الى عروس زاهية الألوان ، تنتظر قدوم العريس ، أخدت أتجول بسيارتي عبر الشوارع الرئيسية ، أتأمل الواجهات والأرصفة ، كل شيئ غيروه ماعدا وجوه الناس لم ينجحوا في إضفاء الطابع الإحتفالي عليها.
على مقربة من مفترق طرق خطير تجاوزتني سيارة فخمة على اليسار ، لم تكن سيارتي في وضع وإمكانيات تسمح لها بالمنافسة فهي من جيل السبعينات، في حين تبدو سيارتي غريمي وكأنها خرجت لتوها من إعلان إشهاري .
ماهي إلا ثواني حتى أصبحت في خط واحد مع منافسي عند الضوء الأحمر ، فرحت لذالك وأيقنت بتساوي الفرص في آخر المطاف ، ولكن سرعان ما ضرب صاحبنا عرض الحائط الضوء الأحمر وإنعطف يمينا في حين كانت غمازة الإتجاه تشير الى اليسار .
في هذه الأثناء كنت أنتظر رحمة الضوء الأحمر ، الذي بدا متواطئا مع صاحب السيارة الفخمة،
وبينما كنت أتجرع مرارة الهزيمة ، لمحت على جانب الطريق شخصا مبتسما يشير لي ، حسبته لأول وهلة جزاءا من مظاهر الإستقبال ،و ما إن توقفت حتى أدركت بأنه صديقي صالح.
- هل بإمكانك أن توصلني الى المنطقة الصناعية بسرعة
- بالتأكيد ، إسرع بالركوب
صديقي مراسل صحفي قدير يعرف خبايا المدينة وأسرارها، عرفت بانه سيقوم بتغطية زيارة مسوؤل مهم.
-طوال العام يهتكون عرض هذه المدينة ويحولونها في ثوان الى بكر وعذراء عند زيارة العريس ، قال محدثي
- إن الإخطار بالزيارة مسبقا هو الذي يجعل الجميع يشاركون في مسرحية يعرفون بدايتها وعقدتها ونهايتها ، ليس هناك مسوؤل محلي مقتنعا بما يقول أو يفعل وهكذا يأتي المسوؤل المهم ليرى ما أريد له أن يراه .
بعد دقائق وجدنا أنفسنا بصدد المشهد الأول من المسرحية . ركنت السيارة جانبا ومشيت تحت غطاء صديقي المراسل الصحفي فهو يمثل سلطة رابعة ، ظلت دوما موازية للسلطة الأولى ، بعد تجاوز عدة حواجز أمنية ، وجدت نفسي وسط نخبة الإدارة ووجهاء المدينة وتراءى لي عن بعد، المسوؤل المهم يستمع الى شروحات ممثل محترف .
تركت صديقي وتوغلت بين الصفوف لكشف المستور ومعرفة كيفية توزيع الأدوار وإختيار المواقع ، هاهم مبعوثو التلفزة الوطنية يتصدرون وسائل الإعلام ، ينقلون صورا زاهية تعبر عن الحدث بجلاء واضح الى حد الغموض، وما إن إقتربت من اللوحات التوضيحية حتى فهمت الموضوع ، وضعت في متناول المسوؤل المهم كل المعطيات التي تقنعه بجدوى المشروع وفعالية المشرفين عليه ، وفي الحقيقة فإن الألوان الجذابة والمعلومات الثرية جعلتني أنا الموظف البسيط أقتنع بمدى تطور وتقدم المؤسسات وحين إبتعدت قليلا عن مجال تأثير المعلقات السبع، حتى أدركت بأن التطور والتقدم لا يتعلقان سوى بالجانب الدعائي والشكلي فقط .
وفيما أنا تائه وسط الوفد ، تسنى لي أن أستمع الى أشخاص يتحدثون عن مدى نوعية الرخام المستورد من إسبانيا، في حين ظهر أحدهم أكثر وطنية وهو يحاول إقناع زملائه بضرورة إقتناء النوعية الفرنسية .
لقد كان الوفد منشغلا بأشياء لا تمت بصلة لموضوع الزيارة ، وكان المسوؤل المهم ، الوحيد الذي أرغم إرغاما على بطولة العرض، فهو مهم دائما وقابل للتنحية في أي احظة .
أضحت الرغبة في إغتنام الفرصة لفهم ما يجري تتملكني ، لم أشعر إلا وأنا أدوس على قدم مسوؤل أنيق وأرفقت حركتي بالإعتذار مباشرة وجاءني الرد في صورة نظرة ثاقبة أرجعتني الى الوراء خطوتين ، لم يكن الرجل سوى الحارس الشخصي للمسوؤل المهم، إنه يبدو بأناقة ملفتة ونظارات متميزة ونظرات أكثر تميزا ، هو نفسه نشاهده كل مساء في نشرة الثامنةعلى يسار المسوؤل يرافقه أينما ذهب .
إتجهت صوب سيارتي عازما على مغادرة المكان في حين كان الوفد يتأهب للتحرك هو الأخر ، ونظرا لصعوبة الخروج وسوء التنظيم ، وجدت نفسي ودونما إرادة وسط سيارات الوفد ، تحيط بي الدراجات النارية وهكذا دخلت تحت الرعاية السامية، أكيد أن بعضهم إعتبرني مسوؤلا مهما متواضعا أو تبين لهم بأن شكلي لا يوحي بأي خطر على المصالح العليا للبلاد .
الغريب أن نظرتي للشوارع تغيرت ، فكأنما أصابتني عدوى الوفد وتناسيت إمكانيات سيارتي القديمة ، وأضحى محول السرعة أسرع وتحول المواطنون البسطاء على حافة الطريق الى أوباش يسدون منافذ الحضارة ، حتى الضوء الأحمر لم يعد له تأثير وفجأة إنتبهت الى أحدهم يأمرني بالخروج من التشكيلة الخاصة وهكذا رضخت للأمر الواقع وإنعطفت يمينا وسرت في شارع ضيق غير معبد ،تصطف على جانبيه القمامات والمشردين .
وبالرغم من رداءة الطريق ، فقدت كنت مسرورا لأنني تخلصت من الوفد المرافق له ولم يبق في ذهني سوى هو ، حاملا في حقيبة عودته صورة مشوهة عن واقع المدينة وأيقنت بأن مشاهدة مسرحية أفضل بكثير من المشاركة فيها .
__________________
ليست العظمة في أن لا تسقط ، ولكن العظمة في أن تسقط وتنهض من جديد.
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م